Kamis, 02 Oktober 2014



Tentang Ulama:

الفصل الثالث و الأربعون : في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم لا من العلوم الشرعية و لا من العلوم العقلية إلا في القليل النادر و إن كان منهم العربي في نسبته فهو أعجمي في لغته و مرباه و مشيخته مع أن الملة عربية و صاحب شريعتها عربي و السبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم و لا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة و البداوة و إنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله و نواهيه كان الرجال ينقلونها في صدورهم و قد عرفوا مأخذها من الكتاب و السنة بما تلقوه من صاحب الشرع و أصحابه و القوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم و التأليف و التدوين و لا دفغوا إليه و لا دعتهم إليه حاجة و جرى الأمر على ذلك زمن الصحابة و التابعين و كانوا يسمون المختصين بحمل ذلك و نقله إلى القراء أي الذين يقرأون الكتاب و ليسوا أميين لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة بما كانوا عربا فقيل لحملة القرآن يومئذ قراء إشارة إلى هذا فهم قراء لكتاب الله و السنة المأثورة عن الله لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه و من الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له و شرح قال صلى الله عليه و سلم : [ تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله و سنتي ] فلما بعد النقل من لدن دولة الرشيد فما بعد احتيج إلى وضع التفاسير القرآنية و تقييد الحديث مخافة ضياعه ثم احتيج إلى معرفة الأسانيد و تعديل الناقلين للتمييز بين الصحيح مم الأسانيد و ما دونه ثم كثر استخراج أحكام الواقعات من الكتاب و السنة و فسد مع ذلك اللسان فاحتيج إلى وضع القوانين النحوية و صارت العلوم الشرعية كلها ملكات في الاستنباطات و الاستخراج و التنظير و القياس و احتاجت إلى علوم أخرى و هي الوسائل لها من معرفة قوانين العربية و قوانين ذلك الاستنباط و القياس و الذب عن العقائد الإيمانية بالأدلة لكثرة البدع و الإلحاد فصارت هذه العلوم كلها علوما ذات ملكات محتاجة إلى التعليم فاندرجت في جملة الصنائع و قد كنا قدمنا أن الصنائع من منتحل الحضر و أن العرب أبعد الناس عنها فصارت العلوم لذلك حضرية و بعد عنها العرب و عن سوقها و الحضر لذلك العهد هم العجم أو من هم في معناهم من الموالي و أهل الحواضر الذين هم يومئذ تبع للعجم في الحضارة و أحوالها من الصنائع و الحرف لأنهم أقوم على ذلك للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس فكان صاحب صناعة النحو سيبويه و الفارسي من بعده و الزجاج من بعدهما و كلهم عجم في أنسابهم و إنما ربوا في اللسان العربي فاكتسبوه بالمربى و مخالطة العرب و صيروه قوانين و فنا لمن بعدهم و كذا حملة الحديث الذين حفظوة عن أهل الإسلام أكثرهم عجم أو مستعجمون باللغة و المربى لاتساع الفن بالعراق و كان علماء أصول الفقه كلهم عجما كما عرف و كذا حملة علم الكلام و كذا أكثر المفسرين و لم يقم بحفظ العلم و تدوينه إلا الأعاجم و ظهر مصداق قوله صلى الله عليه و سلم : [ لو تعلق العلم بأكناف السماء لناله قوم من أهل فارس ] و أما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة و سوقها و خرجوا إليها عن البداوة فشغلتهم الرئاسة في الدولة العباسية و ما دفعوا إليه من القيام بالملك عن القيام بالعلم و النظر فيه فإنهم كانوا أهل الدولة و حاميتها و أولي سياستها مع ما يلحقهم من الأنفة عن انتحال العلم حينئذ بما صار من جملة الصنائع و الرؤساء أبدا يستنكفون عن الصنائع و المهن و ما يجر إليها و دفعوا ذلك إلى من قام به من العجم والمولدين و ما زالوا يرون لهم حق القيام به فإنه دينهم و علومهم و لا يحتقرون حملتها كل الاحتقار حتى إذا خرج الأمر من العرب جملة و صار للعجم صارت العلوم الشرعية غريبة النسبة عند أهل الملك بما هم عليه من البعد عن نسبتها و امتهن حملتها بما يرون أنهم بعداء عنهم مشتغلين بما لا يغني و لا يجدي عنهم في الملك و السياسة كما ذكرناه في نقل المراتب الدينية فهذا الذي قررناه هو السبب في أن حملة الشريعة أو عامتهم من العجم و أما العلوم العقلية أيضا فلم تظهر في الملة إلا بعد أن تميز حملة العلم و مؤلفوه و استقر العلم كله صناعة فاختصت بالعجم و تركتها العرب و انصرفوا عن انتحالها فلم يحملها إلا المعربون من العجم شأن الصنائع كما قلناه أولا فلم يزل ذلك في الأمصار الإسلامية ما دامت الحضارة في العجم و بلادهم من العراق و خراسان و ما وراء النهر فلما خربت تلك الأمصار و ذهبت منها الحضارة التي هي سر الله في حصول العلم و الصنائع ذهب العلم من العجم جملة لما شملهم من البداوة و اختص العلم بالأمصار الموفورة الحضارة و لا أوفر اليوم في الحضارة من مصر فهي أم العالم و إيوان الإسلام و ينبوع العلم و الصنائع و بقي بعض الحضارة في ما وراء النهر لما هناك من الحضارة بالدولة التي فيها فلهم بذلك حصة من العلوم و الصنائع لا تنكر و قد دلنا على ذلك كلام بعض علمائهم من تآليف وصلت إلينا إلى هذه البلاد و هو سعد الدين التفتازاني و أما غيره من العجم فلم نر لهم من بعد الإمام ابن الخطيب و نصير الدين الطوسي كلاما يعول على نهايته في الإصابة فاعتير ذلك و تأمله تر عجبا في أحوال الخليقة و الله يخلق ما بشاء لا شريك له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير و حسبنا الله و نعم الوكيل و الحمد لله

Tidak ada komentar:

Posting Komentar